السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة
سأْتحدث عن قصة محزنة وهي قصة واقعية اسرة فقيرة
********************************************
في احدى الامسيات ‘ انزل السيد بارينو قاربه الصغير في البحر وركب عليه المجذافين ‘* ثم رفع نظرة الى السماء فرأْها تنذر بالاعصار وكانت زوجته واطفاله الثلاثة قد رافقوه الى شاطئ البحر ‘ فقبل الاطفال ‘ ثم وضع
يده على كتف الزوجة ‘ وقال : ارجو الا يكون نهارنا سيئأ" ‘ فالله يعلم انا علينا ان نعول هؤلاء الاطفال الابرياء
ثم اخذ المجذافين بيديه * واستدر بقاربه الى عرض البحر ولكنه قبل ان يبتعد نظر الى زوجته وقال:
لا تنسي يا روزاليا ان تزوري كارميلا المسكينة
وجاء المساء بسرعة . وكان على الزوجة ان تقدم العشاء لاطفالها ثم تخلع عنهم ملابسهم النهار
وتلبسهم ملابس النوم وان تعنى بنومهم
اشياء كثيرة كان عليها ان تفعليها . اما تلك الارملة المريضة كارميلا ‘ فمن يدري ماذا تفعل هي واطفالها
البأْساء في كوخها الصغير ؟
ولم تلبث ان هبت الريح في الخارج ‘ ولما يعد بارينو بعد من البحر . فأْسرعت الزوجة
‘تنهي ما عليها من اعمال ‘ ثم خرجت من بيتها , واغلقت الباب خلفها , ومضت نحو بيت جارتها المريضة
وما كادت تقف خارج الباب حتى دفعها الريح دفعة شديدة كادت تلقي بها الى الارض
كان الخليج اذ ذاك هائجا مضطربا , والبرق يلمع بغضب واحتدام , فملْأ الخوف قلب روزاليا ولكنها مضت
تشق الظلمة العابسة بقلب واجف مرتعب , وما زالت تتحسس طريقها في الظلام حتى وصلت
الى كوخ كارميلا
كان باب الكوخ مفتوحا , فدخلت روزاليا , وعلى ضوء مصباح صغير امام صورة العذراء , رأْت احد الطفلين
قد صعد الي سرير والدته وراح ينظر الى وجهها . فقالت تخاطب جارتها المريضة:
انظري يا كارميلا كيف يتأْمل الطفل وجهك إ ان نظرته ستعيد اليك العافية
ولكن كارميلا لم تتحرك , ولم تجب
اتراها نائمة ؟
وتقدمت روزاليا , ولمستها في جببينها , ولكنها وجدتها باردة كقطعة من رخام . فصعقت , ولكنها تمالكت
نفسها رحمة بالطفلين , وقالت للطفل الذي على السرير , وهي ترتجف :
ايها الطفل المسكين البريئ , ماذا تفعل ؟ ابتعد لئلا توقظ امك إ ثم جملته وانزلته عن السرير , فاخرط
الطفل في البكاء, وعندئذ استيقظ اخوه الاخر الاخر الذي كان نائما على الارض , وجعل يبكي ايضا
فضمتهما روزاليا الى صدرها , وجعلت تقول لهما :
كونا طيبين , وكفا عن البكاء , لئلا توقظا امكما المريضة
ولكنها كانت شديدة الحيرة في نفسها . ماذا تفعل ؟ اتدعو الجيران ؟ ولكن ليس ثمة جار قريب من الكوخ
وكانت الرعود تقصف مزمجرة غاضبة , والاعصار يسوق امواج البحر امامه كالقطعان المذعورة , وذكرت
روزاليا اطفالها الثلاثة . لعلهم استيقظوا الان , وراحوا ينادونها , ويبحثون عنها في قلب العاصفة
ان المرأْة الميتة لم تعد في حاجة من يساعدها . لقد انتهى امرها , اما طفلاها فهما المتحاجان
الى المعونة , والى من ينقذهما مما هما فيه من تعاسة
وشعرت روزاليا بان راسها الاف المطارق ,تتناوب تعذيبها بلا رحمة . فتناولت قطعة قماش اسدلتها
على وجه المراة الميتة , وامسكت بذراعي الطفلين , وغادرت الكوخ متحدية غضبة الطبيعة المجنونة
فلما وصلت الى بيتها , اضجعت الطفلين البائسين الى جانب اطفالها الثلاثة ثم وقفت خلف الباب تراقب
العاصفة في الخارج . فشعرت في قليها بدفئ وطمانئية , وخيل اليها ان العاصفة لن تلبث طويلا حتى تصمت
وان الله لن يسمح بان يتعذب زوجها في صراعة مع الامواج
ومضت الساعة بطيئة رهيبة , وكان الاطفال جميعهم نياما , اما روزاليا فلم تنم . وعند الفجر دخل بارينو
فوجدها لا تزال مستيقظة فقال لها :
ارْأيت كيف كانت هذه اليلة العاصفة ؟ ان الاعصار لم يتغلب علي ‘ لانك انت وعمك الاطفال تنتظرون عودتي
ولمن ذراعي لم يبق فيهما قوة للمقاومة . ثم جلس , وراح يجيل نظرة الى الغرفة , ويفكر في الغد
الذي سيطلع على الاسرة بغير طعام . وبعد صمت قليل , سْأل زوجته قائلا:
وكارميلا , هل علمت عنها شيئا ؟
فأْجابت روزاليا بصوت مرتعش :
نعم , لقد ماتت
لماذا يرتعش صوتك؟
لقد فقد طفلاها التعسان امهما
ففرك بارينو جبينه , ونظر الى عيني زوجته , وقال:
حقا ........ لقد فقدا امهما ....ولكن لم يكن ...... ولمن لدينا نحن ايضا اطفال ثلاثة اخرين , وليس لدينا
خبز لهم ......... ومع ذلك ......... هل اطفال نائمون الان ؟ هيا بنا يا روزاليا لنجئ بالطفلين اليتيمين
ليعيشا مع اطفالنا فشعرت روزاليا بقلبها يفيض فرحا , فتناولت يد زوجها , وضت به الى فراشي الطفلين
وقالت:
ها هما , لقد احظرتهما حين وجدت امهما ميتة
فهتف الرجل قائلا :
يا لك من امراْة مباركة إ ان الخالق قد استجاب لقلبك الرحيم , فشملنا برحمته . ومن كان يستيطيع
ان يعول ثلاثة ابناء , فلن يضيق ذرعا باعاله خمسة
النهاية